عيد الفطر في الدول العربية.. مناسبة واحدة وطقوس متنوعة

تظل حاضرة طوال أيام العيد

عيد الفطر في الدول العربية.. مناسبة واحدة وطقوس متنوعة

يأتي عيد الفطر المبارك عقب شهر رمضان، ليحمل طقوسا وتقاليد ومظاهر مختلفة بكل بلد عربي وإسلامي، حيث يختلف العيد من دولة لأخرى حسب تقاليد المسلمين في كل بلد.

وتتركز معظم استعدادات الشعوب العربية لاستقبال عيد الفطر، في تنظيف وتزيين المنازل بالزهور والأضواء والأعلام الخاصة بالعيد، تعبيرا عن السعادة.

وتنتشر عادات التسوق لشراء الملابس الجديدة والهدايا للأطفال احتفالا بالعيد ولإظهار التقدير والمحبة بين الأفراد والأسر العربية، وبالتوازي يتفنن المسلمون في طهي الحلوى مثل الكحك والبسكويت والبيتي فور والغريبة والقراقيش.

تقاليد إماراتية

تتميز احتفالات عيد الفطر في دولة الإمارات العربية المتحدة بالحفاظ على التقاليد التي توارثتها الأجيال من الآباء والأجداد، فهي مظاهر احتفالية لها طابع ومذاق خاص ومميز تغلفها الأجواء المبهجة.

وتعد "فوالة العيد" من أبرز عادات الاحتفال بالإمارات، إذ ترتبط بتراث البلاد في الضيافة والترحيب بالضيوف، حيث تجهز فوالة العيد بالمأكولات والحلويات والرطب ومختلف أنواع التمور والعصائر والمكسرات وغيرها، إلى جانب سلة الفواكه التي تتوسط طاولة فوالة العيد، إضافة إلى القهوة العربية المميزة.

وتزين المائدة الإماراتية في أيام العيد بالعديد من الأطباق التراثية، أبرزها المجبوس والثريد والبلاليط والبرياني، التي تشتهر بها أيضا المطاعم في مختلف أنحاء البلاد.

وتضيء سماء الإمارات بإطلاق الألعاب النارية طوال أيام عيد الفطر، إلى جانب الأنوار والزينة المرصعة في جميع الأماكن العامة والمتنزهات والشوارع والميادين.

تجمعات في السعودية

ويمثل عيد الفطر في المملكة العربية السعودية حالة فريدة من لم شمل الأسر وتعزيز الترابط الاجتماعي، والتقاء التقاليد العريقة مع الأعراف المجتمعية الحديثة.

وتختلف عادات العيد تبعاً لاختلاف المناطق، لا سيما بين الشمالية والجنوبية، إذ يستشعر بعض سكان المدن أهمية العودة للقرى، والاحتفال من خلال الزيارات المنزلية الجماعية والتجمعات في الساحات العامة.

وينتظر الأطفال يوم العيد استقبال "العيديات" لشراء الألعاب والحلويات، كما تقوم السعوديات بإعداد حلويات تقليدية كالكعك والبسكويت، لتقديمها للزوار الذين يحرصون على المرور على الأقارب والأصدقاء.

وتعمد بعض العائلات إلى الإفطار في المطاعم التي تفتح أبوابها بعد صلاة العيد، وتغلب عليها الأجواء الاحتفالية.

تبادل الزيارات في مصر

ولا تختلف مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في مصر عن سائر الدول العربية، حيث يطلق الأطفال المفرقعات والألعاب النارية، فيما يتجمع الشباب والفتيات في المطاعم والكافيهات والشوارع المطلة على كورنيش النيل.

وتنتشر عادة تبادل الزيارات المنزلية بين الأقارب والأصدقاء للتهنئة بالعيد، التي تعد من أكثر الطقوس والعادات انتشارًا ورسوخًا في المجتمع المصري.

ويعتبر الكحك والبسكويت من أشهر الحلوى المصرية التي تهتم الأسر بإعدادها وتجهيزها وتقديمها طوال أيام العيد، كما تتناول معظم العائلات المصرية على الغداء وتحديداً في ثاني أيام العيد أسماكا مملحة ومدخنة كـ"الفسيخ والملوحة والسردين والرنجة" وهي أصناف مأكولات موسمية، عادة ما يتناولها المصريون في يوم شم النسيم.

وينتظر الأطفال قدوم العيد للخروج والتنزه في الحدائق والملاهي وممارسة الألعاب المختلفة، كما يحصلون على العيدية من الكبار في العائلة كالأبوين والجدين والأعمام والعمات والأخوال والخالات.

هدية العيد في الجزائر

كعادة موحدة لاستقبال عيد الفطر عند الجزائريين، تتحول المنازل إلى ورش تنظيف مفتوحة من أجل تزيين المنازل وتحضير مختلف صنوف الحلويات.

ويحتل "المقروط" صدارة الحلويات التقليدية في عيد الفطر، سواء المصنوع باللوز المعروف في العاصمة ومدن الوسط، أو المصنوع بـ"عجينة التمر" الذي ينتشر في الولايات الشرقية، إضافة إلى حلوى الطابع (حلوى يتم تشكيلها في قوالب معدنية أو بلاستيكية بأشكال هندسية مختلفة) والبقلاوة والدزيريات وأصناف أخرى.

ومن أشهر عادات الجزائريين أيضا، تبادل صحون الحلويات بين العائلات أو الجيران، والتي تعد وفق عاداتهم "هدية العيد" أو "عربون محبة"، لتوطيد العلاقات بينهم.

ولا تحلو الأعياد في الجزائر دون براءة الأطفال، الذين يكونون أول من يخرج إلى ساحات الأحياء مرتدين أجمل ملابسهم الجديدة.

حلويات وشاي مغربي

وتتشابه طقوس عيد الفطر في المملكة المغربية مع دول شمال إفريقيا، إذ تبدأ المرأة المغربية في تحضير أنواع مختلفة من الحلويات التراثية مثل "كعب الغزال" و"حلويات التمور" و"حلويات الصابلي".

وعادة ما يتم صناعة هذه الحلويات في تجمعات نسائية كبيرة داخل المنازل أو الحواري، حيث نادرا ما تلجأ السيدات لشراء الحلوى الجاهزة في عيد الفطر. 

ولا تخلو موائد الأسر المغربية عند أول فطور صباحي بعد شهر من الصيام، من تشكيلة من الحلويات التقليدية إلى جانب فطائر مغربية كـ"المسمن" و"البغرير" و"الحرشة"، بجانب الشاي المغربي بالنعناع.

ويحرص المغاربة قبل العيد على شراء الملابس الوطنية التراثية التي تختلف من منطقة إلى أخرى، في ارتباط وثيق بالعادات والأعراف والتقاليد المحلية.

هدايا وحلويات في تونس

تختلف طقوس عيد الفطر من منطقة لأخرى، حيث تعكف التونسيات في العاصمة على إعداد الأطباق المميزة كـ"الحلالم والملوخية"، إلى جانب صنوف الحلويّات التّقليدية والمشروبات. 

ويحتفل أهالي محافظة نابل (شمال شرق) بطبخ العصيدة البيضاء، وتكون مصحوبة بمرق اللحم، وفي محافظة بنزرت الساحلية، تحتفل العائلات بإعداد أسماك القاروص والوراطة والمرجان (أنواع سمك) غداء لأول أيام العيد.

وبخلاف المأكولات، تتميز أيام العيد في تونس بـ"هزان الموسم"، وهذه العادة تكون من خلال أن يعود الخطيب أهل خطيبته بهدية ثمينة، إذ تتحول من مناسبة تزاور وتحابب إلى مناسبة عائلية لها طقوسها وفرائضها.

ويشتهر إعداد الحلوى في المنازل، التي يأتي أبرزها "كعك الورقة" و"الصمصة" و"البقلاوة" و"الغريبة" و"المقروض" و"كعك العنبر" و"بقلاوة الباي".

والعيد في تونس يعتبر مناسبة لربط صلة الرحم والتزاور وزيارة الأقارب وتبادل صحون المأكولات والحلويات.

عودة الحياة للريف في لبنان

رغم الظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشها الشعب اللبناني منذ إعلان الإفلاس ونزيف الخسائر في إبريل 2022، لكن لبنان يظل أحد أكثر البلدان احتفالاً بعيد الفطر المبارك.

ولعل من أبرز مظاهر العيد في لبنان هي عودة الحياة إلى القرى والبلدات الريفية، حيث تجتمع العائلات على الموائد المتنوعة التي تضم المأكولات اللبنانية.

وعادة ما تفضل الأسر في العيد الذهاب إلى مناطق ومدن للتنزه، ولعل أبرزها مدينة صيدا في جنوب لبنان، وطرابلس في الشمال.

ويحرص اللبنانيون على تقديم الحلويات الشرقية، وأشهرها المعمول المحشو بالفستق أو التمر، وكعك العيد والبقلاوة والقطايف وغيرها. 

كما يحرصون أيضا عقب أداء صلاة عيد الفطر، على زيارة المقابر للترحم على الموتى وتوزيع "المعمول" على الزائرين في المقابر والصدقة بالمال.

سهرات في فلسطين

العيد في فلسطين ذو مذاق مختلف، حيث يتوجه أكثر من 100 ألف مصلٍ إلى المسجد الأقصى لتأدية صلاة العيد، التي تكون دائماً تحت حراسة مشددة من قوات الجيش الإسرائيلي.

وعقب صلاة العيد يتجه الفلسطينيون إلى المقابر المجاورة لزيارة الأموات، وهذه إحدى العادات الفلسطينية المتوارثة منذ أجيال، وهناك يوزع الزوار الحلويات على بعضهم بعضا، ثم يتفرقون إلى منازلهم لتبدأ جولة المعايدات للرجال، في حين تستقبل السيدات أقاربهن بالمنازل.

وتجتمع النساء لصناعة كعك العيد وتبادل الأحاديث، كما تقام السهرات الليلية والحفلات العائلية، ويستمع المدعوون إلى الطرائف والنوادر من بعضهم، ويستمتعون بالعزف على العود والطبل، بمصاحبة الأناشيد والأهازيج الشعبية التي تمتد من المساء إلى الفجر.

عادات باقية في الكويت

في الكويت طغت المدنية الحديثة على العادات والتقاليد، وإن احتفظ عدد قليل من الكويتيين ببعض العادات المتوارثة من الجدود.

وبدلا من صناعة الحلوى في المنازل اتجه العديد من الكويتيين إلى شراء الكعك والبسكويت الجاهز، مع بقاء عدد قليل محتفظاً بعادات الأجداد وتصنيعه في المنزل؛ لإدخال بهجة تحضيره في نفوس الأطفال.

واتجهت أيضاً العديد من الأسر الكويتية إلى الاحتفال بالعيد خارج البلاد، بدلاً من قضائه وسط الأصدقاء والأقارب.

ويظل الاحتفال بعيد الفطر في الدول العربية والإسلامية، فرصة للتعبير عن الفرح والسعادة والتقارب والتواصل بين الأفراد والمجتمعات في الدول العربية، كما يمثل رمزًا للتسامح والتعايش السلمي بين مختلف الثقافات والديانات في المنطقة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية